أدت الثورة الإسلامية في إيران وأفكار الإمام الخميني و قائد الثورة الإسلامية إلى تطورات مهمة من حیث المحتوى الدلالي للمرأة الإيرانية. أهمية المرأة الإيرانية بعد الثورة الإسلامية هي أنها حافظت على كل هذه التطورات من خلال الحفاظ على أصالتها وقيمها دون اللجوء إلى الإغتراب والتخلي عن القيم الإسلامية و هو شيء لم يصل إلى هذا المستوى من المجد والبلورة في أي مكان آخر من البلدان الإسلامية. الیوم ومع ترويج الثقافة الليبرالية في العديد من البلدان وفي جميع أنحاء العالم ، حصلت المرأة على درجة من النمو و التنمية و المکانه في الإجتماع و في مجال السياسية والاقتصاد والثقافة، ولكن بنفس الدرجة أو أكثر تم استخدمها كسلعة جنسية وتسببت بدمار الکثیر من قيم المجتمع.
وفقًا لتعاليم المدرسة الإسلامية للثورة يجب أن تكون المرأة حاضرة في المجتمع ، ویُعَدُّ وجود المرأة في مختلف مجالات الثورة الإسلامية أحد العوامل الرئيسية في نجاح الثورة الإسلامية. الثورة الإسلامية تسببت بتثبيت الوجود النشط للمرأة في المجتمع من خلال تثمينها للمرأة ، واليوم نشهد أن المرأة الإيرانية ، إلى جانب الحفاظ على حجابها وقيمها الإسلامية، حققت نجاحًا لا مثيل له في مختلف مجالات العلوم والرياضة والسياسة والثقافة والمجتمع. هذا إنجاز مهم وقيّم للغاية للثورة الإسلامية و للمرأة الإيرانية. الآن ، مع إلقاء نظرة مختصرة على الإحصائیات ، نريد دراسة وضع المرأة الإيرانية في المجتمع على أساس مكونات التنمية والتقدم قبل الثورة الإسلامية وبعدها.
معدل معرفة القراءة والكتابة لدى النساء
وفقًا لإحصاء عام 1976، بلغ عدد السكان الذين تبلغ أعمارهم 15 عامًا أو أكثر 18.7 مليون موزعة بنسب متساوية بين الرجال والنساء في المدن والقرى. في نفس العام ، بلغ عدد الإناث 9.2 مليون وكان عدد المتعلمين منهم 2.2 مليون ، وهو ما يمثل 24 % منهن. وكان معدل معرفة القراءة والكتابة للنساء في العالم 61% آنذاك. لکن الآن ، وفقًا لتقرير حول معدلات معرفة القراءة والكتابة لدى النساء الاتي فوق 15 عامًا ، التي تم جمعها في عام 2015 من قبل الأمم المتحدة واليونسكو ، فقد بلغ معدل معرفة القراءة والكتابة لدى النساء الإيرانيات 82.5% وهو ما يعادل تقريبًا معدل المعرفة بالقراءة والكتابة لدى النساء (82 بالمائة) في العالم. وفي مجال العدالة التعليمية أيضًا ، أظهرت نتائج التعداد الذي أجري بين عامي 1976 و 1978 أن اختلاف معدل معرفة القراءة والكتابة بين الرجال والنساء قد انخفض من 23.4% في عام 1976 إلى حوالي 6.8 %في عام 2016. كذلك، زاد عدد الخريجات من 6% في عام 1978 إلى 45% في الوقت الحاضر، کما أن 22.7 %من الإيرانيات خریجات الدراسات العليا، بالإضافة إلى زيادة بنسبة 17 مرة في عدد أعضاء هيئة التدريس الإناث في الجامعات بالنسبة إلي قبل الثورة الإسلامية التي كانت 1.4% في عام 1978 و 24% في عام 2017. هذه الأرقام تفسر بشكل جيد أن إتجاه نمو المرأة الإيرانية في زمن الثورة الإسلامية ليس فقط لم يتوقف بل ازدادت سرعته بنهج صحيح وقائم على القيم ویتقدم إلی الأمام بطريقة شاملة في جميع المجالات.
متوسط العمر المتوقع
وفقًا لإحصاءات البنك الدولي في برامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتخطيط لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية تحسنت المؤشرات الصحية والعلاجية في البلد ، وتم العديد من الأنشطة في التقلیل من وفيات النساء والأمهات وأسفرت عن نتائج جيدة. في عام 1978، كان متوسط العمر المتوقع للنساء 56.2 سنة، ولكن في عام 2011، مع نمو بالنسبة 20 ٪، بلغ ما يقرب من 75.5 سنة.
العمل
لا يمكن تقديم إحصاءات دقيقة حول عمالة المرأة قبل عام 1956، لكن هذا العام، وفقًا لنتائج أول إحصائيات للنفوس و الإسكان، كانت 7/9% فقط من جميع العاملين النساء، ولكن خلال عام 1966 و عام 1976 زاد عدد النساء الموظفات من 7/9% إلى 26/13% ثم وصل إلى 77/13% في السنوات الأخيرة لعهد البهلوي الملکي ، ولكن خلال السنوات1976 حتی 2006، كان معدل نمو نشاط المرأة 62/44%. ارتفعت نسبة العمالة في قسم الخدمات خلال سنوات 1976 الي 2005 بنسبة 18/46% للنساء. و من المؤكد أن هذه الأرقام ازدادت أكثر في السنوات الأخيرة.
المرأة في السياسة والأنشطة المدنية
في العهد البهلوي بدأت موجة من التحديث وفتح المجال و بناء علی ذلک افتتحت مجالات لمشاركة أكبر من الإناث في المجتمع ، لكن هذه الحركة لم تكن مع أصالة ، بما أنها تتماشى مع الثقافة الغربية بمتابعة مع الثقافة الدولية السائدة مع النوايا التي تقف وراءها سواء إن کانت من جانب القوى الأجنبية (من أجل تغيير ثقافة المجتمع الإيراني من الثقافة الإسلامية إلى الثقافة الغربية) وعدم كفاية من قبل السلطات المحلية (للمساعدة في تسريع انتشار الثقافة الغربية) ، وبالتالي هذه التطورات السلبية کانت تعتدي على مکانة النساء و أشائعت دور الدعارة والقيم السلبية الأخرى في المجتمع الإسلامي. ومع ذلك ، فمن عهد رضا بهلوي حتى سنة 1962، لم يُسمح للنساء بالتصويت. لكن اليوم ، مع الحفاظ على مكانة المرأة ، فإننا نشهد أيضًا مسؤولياتها الاجتماعية مثل التمثيل في البرلمان ، ومجالس المدن ، والوظائف الحكومية الحساسة ، وهذه العملية رغم أنها بطيئة بعض الشي ء ولکن في ازدياد مستمر تقتحم النساء الإيرانيات المثقفات الساحات الاجتماعية الخطيرة يوما بعد يوم. على سبيل المثال ، بلغت نسبة نمو عضوات مجالس البلدیات خلال الأعوام 1997 حتی 2003 ما يعادل 79.76٪ ، مما يشير إلى الدور الاجتماعي للمرأة.
وفقًا للإحصائيات المذكورة أعلاه ، يمكن القول إن الثورة الإسلامية تمكنت من الحفاظ على القيم الإسلامية مع إزالة الحواجز التي تسبب بعدم وجود المرأة في المجتمع ، وبالتالي قدرت علی أن تخلق مجتمع أكثر ديناميكية وفعالية من العهد البهلوي و حتي نظيراتها في البلدان الإسلامية التي تلتزم بثقافة الليبرالية. من المعتقد أن الثورة الإسلامية قد قدمت نموذجًا مفاهيميًا جديدًا لكيفية وجود المرأة في المجتمع في العصر الحديث ، وتؤكد أدلة وحقائق الثورة الإسلامية أن هناك هيكلًا ونموذجًا جديداً لتواجد المرأة في المجتمع. مما يدل تدريجياً على أنه أكثر اكتمالاً وشمولاً وإنسانية من النموذج الغربي لوجود المرأة في المجتمع لأنه في نموذج الثورة الإسلامية ، تتواجد النساء الإيرانيات والمسلمات في المجتمع مع الحفاظ على قيمهن الإسلامية والأصیلة و بهذا الحفاظ حققت هذه القيم نجاحًا ملحوظًا ، بينما قبل ذلك قيل أن النساء لا يمكنهن النجاح و الحضور بالمجتمع إلا بالثقافة الغربية ؛ ولکن طرحت الجمهورية الإسلامية نموذجًا جديدًا لوجود المرأة في المجالات الاجتماعية المختلفة.