یلدا
ليلة يلدا أو الليلة الاربعینیة هي واحدة من أقدم الإحتفالات الإيرانية. يصادف هذا الإحتفال أطول ليلة في السنة و أيضا إطالة الأيام في نصف الكرة الشمالية، ألتي تتزامن مع الإنقلاب الشتوي.
تشير يلدا إلى الوقت الذي بين غروب الشمس من 21 ديسمبر ( اليوم الأخير من الخريف) إلى شروق الشمس في 22 ديسمبر ( اليوم الأول من فصل الشتاء). في ليلة يلدا ، عادة ما تقدم العائلات الإيرانية وجبات عشاء راقية وكذلك فواكة و بطيخ و رمان. بعد تقديم الوجبات الخفيفة يبدأ کبار العائلة برواية القصص لأفراد الأسرة الآخرين ،و أيضا الإستخارة بديوان حافظ.
أصل تسمیة ليلة یلدا
كلمة “يلدا” مشتقة من الكلمة السريانية ܝܠܕܐ التي تعني “الولادة” ، و “شب چهله” یرادف “الليلة الاربعینیة” فهو أن أول أربعين یوماً من الشتاء یسمى “الأربعینیة الکبری ” و عشرين يومًا بعده یسمی ” الأربعینیة الصغری ” و يطلق عليه أبو ریحان البیروني”الميلاد الأكبر” و یقصد منه “ميلاد الشمس”.
تاريخ ليلة يلدا
تم تقديم “ليلة يلدا” ، التي تعتبر إحدى الليالي المقدسة في إيران القديمة ، رسميًا في التقويم الإيراني القديم في عام 502 قبل الميلاد من قبل داريوش الأول. الأعياد والاحتفالات التي تقام في هذه الليلة ، إنها من التقاليد القديمة.
و الناس القدماء الذين شكلت زراعتهم أساس حياتهم و کانوا ممزوجین بالمواسم والتناقضات الطبيعية طول السنة کانوا قادرين ، من خلال التجربة ومضی الوقت ، على القيام بعملهم ونشاطهم مع دوران الشمس وتغيير الفصول والأوقات و قصر النهار والليل واتجاه النجوم وحركتها لاحظوا أنه في بعض الأيام والفصول ستكون الأيام طويلة جدًا ، ونتيجة لذلك ، سيتم إستخدام المزيد من أشعة الشمس في تلك الأيام. كان يعتقدون أن الضوء و السطوع و أشعة الشمس یرمزا إلى الخير و یحاربا ظلام الليل. لقد وجد الناس في العصور القديمة ، بما في ذلك القبائل الآرية ، من الهند وإيران – الهند و أوروبا ، أن أقصر الأيام هي آخر أيام الخريف وأول ليلة في فصل الشتاء وبعد ذلك مباشرة تصبح الأيام أطول تدريجياً و تصبح الليالي أقصر ، وبالتالي فإن تلك الليلة سميت ولادة الشمس (مهر) و جعلوها بداية العام ، كما أن عيد الميلاد عند المسيحيين يتجذر في هذا الإعتقاد.
تشابة ليلة يلدا مع الأمم الأخرى
كان إحتفال الإنقلاب الشتوي شائعاً أيضاً بين الأمم القديمة الأخرى. في روما القديمة وفي نفس الوقت الذي يتم فيه الترويج للمسيحية ، كانت عبادة سول إنويکتوس (الشمس التي لا تقهر) للإله الوثني الروماني شائعة جداً واحتفل الرومان بها في وقت الإنقلاب الشتوي. لعب سول أنویکتوس أيضًا دوراً خاصاً في مذهب المیثرائیة الروماني ، و حتى میتراس (المعادل اليوناني لمیترا کلمة و ایزد الإيرانية القديمة) كان لقبها الشمس التي لا تقهر.
طعام
للاحتفال بعيد ميلاد الشمس ، تنفرش طاولة عريضة بإسم طاولة يلدا أو جله (الأربعينیة) ألتي مزينة بمجموعة متنوعة من المكسرات أو الرمان أو البطيخ الذي یکون من أهم أساسیات ليلة یلدا. و المكسرات في لیلة يلدا أيضا لها شعبية کثیرة في إيران.
بالنسبة إلى الأسلاف الإيرانيين الذين کانوا یحبون المیثرائیة ، اللون الأحمر کان رمزاً لضوء الشمس و کان محترماً لدیهم. و قد يكون اختیار الرمان و البطيخ الأحمر و التفاح الأحمر و الزیزفون السوري لهذا الأمر
قراءة الشاهنامة
تعد قراءة شاهنامه تقليدًا شائعًا في إيران منذ فترة طويلة وهو جزء لا يتجزأ من ليلة يلدا. كما تحتفل المدارس بليلة يلدا ، مع قراءة الشاهنامة ، والحرف اليدوية ، والكتابة ، والغناء الذي يكون جزء كبير من البرنامج.
الإستخارة بدیوان حافظ الشیرازي
من المعتاد في هذه الليلة العظيمة أن تستخیر العائلة بديوان حافظ و قراءة الشعراء أشعارهم للآخرين. و في النهایة ، هذه هي العادات التي تبقت بين الناس من الثقافة المیثرائیة القديمة ويتم الاحتفال بها سنوياً في ليلة يلدا
لیلة يلدا رسول سلام و صداقة الإيرانيين
یلدا أطول ليلة في إنتظار ولادة الشمس نهاية الظلام و وعد لإضاءة الغد.
كان لدى الإيرانيين القدماء العديد من الإحتفالات، بما في ذلك يلدا.
يلدا هو احتفال يعود تاريخه إلى آلاف السنين ، و هو من عادات الآريين الخاصة.
بشكل عام ، يحتفل الإيرانيون طوال أشهر السنة ، ولم يخلو اي شهر من أشهر السنة من الإحتفالات.
لقد كان الإيرانيون دائمًا خاضعين للسلام والصداقة ، وكانت الاحتفالات بمثابة ذريعة لجمع الناس للوحدة.
في العصر القديم بثقافة أبستاق ، يبدأ العالم بموسم البرد ، تعني sareda-saredha بارد ، مما يعني نصر اورمزد على الشيطان و النور علی الظلام.
ذکر في کتاب آثار الباقية لأبو ریحان البيروني ص 250 أول یوم من ینایر بإسم “خور” كما تم ذكره و تسجيله في کتاب قانون مسعودي بالنسخة الموجودة في المتحف البريطاني في لندن بإسم (خره روز) وفي بعض المصادر اليوم الأول من شهر يناير یسمی(خرم روز).
“خرم روز” في إيران القديمة كان يوماً للمساواة بين البشر ، كان الجميع يرتدون ملابس عادية حتي الملك، و کان ممنوعاً التأمر علی الأشخاص و یتم القيام بالأعمال بشکل تطوعي.
و أيضا کان ممنوعاً في هذا الیوم الحرب و سفك الدماء ، وحتى قتل الدجاج والخروف. و أيضا قد شوهد على نطاق واسع أن هذه الوقفة المؤقتة للحرب کانت تؤدي إلى سلام دائم.
كلمة يلدا – هي من اللغة السريانية التي تعني الولادة ، ولهذا السبب سميت بأسمها لأن في نهاية هذه الليلة الطويلة التي هي شيطانية ، ولادة الشمس ألتي تنهی الظلام. وصباح الغد كان يسمى صباح ولادة الشمس ،كانوا ينظرون إلى الظلام كرمز للشيطان ، وكانت هذه الليلة هي ليلة الشؤوم ، و کانوا یوقدون النار لإزالة هذا الشؤوم ، و یفرشون طاولة خاصة ألتي تکون دينية و مقدسة.
وفقًا لطقوس مذهب المیثرائیة ، يُعتبر اي ارتکاب الشر في هذا الیوم الذي هو یوم ولادة الشمس خطيئة عظيمة و لهذا کانوا يتوقفون عن العمل لئلا يرتكبون الشر ، وكذلك الإيرانيين کانوا ينظرون إلی شجرة الأرز كرمز القدرة في مقابل الظلام والبرد.
لذلك تتأثر المهرجانات الأخرى في باقي البلدان بإحتفال يلدا و العادات المیثرائیة، واحتفل الرومان القدماء بمولد ميثرا (وهو ولادة الشمس). و بعد هيمنة المسيحية في أوروبا لا تزال هذه الطقوس موجودة و تم اختيار یوم 25 ديسمبر كميلاد المسيح بواسطة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.
مراسیم حفل ليلة يلدا :
يجتمع الإيرانيون القدماء في هذه الليلة ويقضون الليل في الأكل والشرب والرقص والحديث. كان يُطلق على طاولة ليلة یلدا “میزد” و تتزین بالوجبات الخفيفة مثل المكسرات والفواكه المجففة والفواكه الطازجة مثل الرمان والبطيخ ، وتم استخدام الرمان والبطيخ کرموزٍ للضوء و النور و کانوا مع تناولها يستقبلون الضوء و الشمس و يستعدون لصباح مشرق.
اليوم ، ما زال هذا التقليد ساريًا ، ويحتفل الناس بهذه الليلة ، و هي الليلة الأربعینیة ، و هم في الحقيقة يرحبون بالشتاء الذي يَعد بسطوع الغد.
يأتي الناس لزيارة العائلة والأقارب في هذا الاحتفال ، ويحكي كبار السن حكايات ، و یستخیرون بدیوان حافظ الشيرازي و أيضا يحتفل الكثيرون هذه الليلة ويرحبون بالشتاء من خلال تناول المكسرات والبطيخ والرمان والحلويات وغيرها من الفواكه الرمزية. .
بالنسبة للإيرانيين فصل الشتاء ليس موسم البرودة وجفاف الطبيعة ، بل موسم الماء والحياة و ولادة الشمس مرة أخري . یلدا ليس مجرد احتفال ، إنه رسول للسلام والصداقة ، رسول للوحدة الوطنية ، یلدا يخبرنا أن نكون جنبا إلى جنب مع التعاطف وإزالة الظلام من قلوبنا ونشكر النعم الإلهية و الإستمرار في نشر الرسالة التي تفيد بأن الإيرانيين يؤيدون دائمًا السلام و الصداقة مع العالم.